للمصارف الإسلامية دور كبير في معالجة الكثير من قضايا المعاملات المالية إذ هي أرض خصبة لتطوير المعاملات المالية وفتح الاعتماد له طريقتان في المصارف الإسلامية:
الأولى: الاعتمادات المستندية التي تمول ذاتيا من قبل العميل,ويكون دور المصرف في هذا الاعتماد دور الوكيل الذي يقوم مقام موكله وله الأجر ولا بأس بالوكالة في دفع المال مع أخذ الأجر.
النوع الثاني:الاعتماد الممول من قبل المصرف وهو قسمان:
1-الممول تمويلا كليا حيث يدفع المصرف جميع المستحقات الواجبة على العميل ويكيف العقد حينها على أساس المضاربة الشرعية فعند الربح يكون للمصرف نصيبه إذ هو المضارب بماله ويكون للعميل ربحه مقابل عنائه وتحديد الربح يكون قبل الدخول في الصفقة وعند الخسارة يخسر المصرف ماله والعميل جهده.
وهنالك طريقة أخرى وهي الأغلب استخداما في المصارف الإسلامية وهو عقد المرابحة, وهو يمثل من تعاملات المصارف الإسلامية ما نسبته 70%. حيث يقوم التاجر بتحديد البضاعة التي يريدها حسب المواصفات ويتفق على السعر مع البائع ثم يذهب إلى المصرف ليتفق معه على بيع المرابحة المركبة أو المسمى بيع الآمر بالشراء فيقوم المصرف بشراء البضاعة وتملكها
ثم يقوم ببيعها للعميل(التاجر) مع نسبة ربح معلومة وبضوابط محددة.
2-التمويل الجزئي حيث يدفع العميل جزءا من المال ويقوم المصرف بدفع الباقي ويكيف على عقد الشراكة فعند الربح يربح كل واحد من المتعاقدين المصرف والعميل قدر مساهمته في الصفقة أو بحسب ما يتفقان عليه,وعند الخسارة يخسر كل واحد منهما نصيبه الذي دفعه.
ونلاحظ أن هاتين الطريقتين هما نفسهما في المصارف الربوية, فالأولى تسمى بالاعتماد المغطى إلا أن المصارف الإسلامية تختلف عنها في مثل هذا النوع في مسألة الربا
فالمصرف الإسلامي لا يدفع أية عوائد ربوية عن التأمينات التي قد يقبضها عند فتح الاعتماد بعكس المصارف الربوية كما أنه لا يأخذ أية فوائد عن قيمة ما يدفعه عند حدوث تأخير في تسديد قيمة المستندات من جانب العميل فاتح الاعتماد.
والثانية تسمى بالاعتماد عندهم بالاعتماد غير المغطى وتختلف المصارف الإسلامية عنه أنه شراكة في البيع والشراء وليس قرضا ربويا كما يقع في المصارف الربوية.
قد يتسائل البعض ما الفرق بين المصارف الربوية والإسلامية في تعاملها بالاعتماد المستندي إن كان كل من الفريقين يتعامل بالاعتماد على نوعيه المغطى وغير المغطى,والجواب عن هذا السؤال يكمن في النقاط الآتية:
الأولى:أن يد المصارف الربوية على البضاعة يد ارتهان وليست يد ضمان وهذا يعني أن البضاعة لو هلكت فإنها تهلك على ملكية العميل فاتح الاعتماد وهو المسؤول أيضا عن دفع قيمة المستندات فلو هلكت بضاعته قبل الاستلام لذهبت البضاعة مع ماله ولا ضمان على المصرف, وأما المصارف الإسلامية فيدها على البضاعة يد ضمان وليست ملكية ارتهان أي أن البضاعة لو هلكت قبل استلام العميل فهي من ضمان المصرف.
ومن المقرر في الفقه أن قبض السلعة شرط من شروط صحة بيع المرابحة” و لقد دلت السنة على صاحبها أفضل صلاة وتسليم على وجوب قبض المبيع قبل بيعه, ففي الحديث من طريق نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه.
ومن طريق ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه. وقبض المصرف للسلعة قبل بيعها من شروط صحة هذه المعاملة”.
وهذا هو الفرق الجوهري بين المصرف الربوي والإسلامي,فالأول يقوم بإقراض العميل بفائدة وهذا ربا محض,والثاني يقوم بالشراء والبيع { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة: ٢٧٥
الثانية: تشترط المصارف الربوية على طالب فتح الاعتماد تأمين البضاعة للموافقة على فتح الاعتماد المستندي, وأما المصارف الإسلامية فتقوم بالتأمين على البضاعة بنفسها,فلو تهربت شركة التأمين من الأداء أو أفلست أو ماطلت فإن المصرف الإسلامي هو الذي يتحمل بخلاف الربوي,مع العلم أن التأمين تجاري حرام كما سبق وأن ذكرنا فعلى المصارف أن تلجأ إلى البديل وهو التأمين التعاوني.
الثالثة:المصرف الإسلامي في بيع المرابحة تكون مسؤوليته مرتبطة بالبضاعة وليست بالمستندات بخلاف المصرف الربوي حيث يجعل مسؤوليته تنتهي باستلام وثائق الشحن ولا علاقة له بالبضاعة.
فلو وصلت البضاعة إلى العميل وهي بخلاف المواصفات فإن المصرف الربوي لا علاقة له بذلك ما دامت الوثائق التي استلمها وثائق قانونية لا تلاعب فيها,وأما المصرف الإسلامي فيكون مسؤولا عن تلك البضاعة ولا يحق للمصرف مطالبة العميل بأي تعويض.
أخوك الداعي لك بالخير:أحمد بن عبيد التمتمي