اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى أقوال بسطها العلماء في مصنفاتهم والصواب أن المعصية تنقض الصيام ويستدل على ذلك بأدلة منها باختصار شديد:
1-قوله تعال(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)البقرة.
وجه الاستدلال:لقد شرع الله تعالى الصيام لتقواه سبحانه وارتكاب المعصية يتنافى مع هذه الغاية التي شرع من أجلها الصيام والآية وإن لم تكن نصا في الموضوع إلا أنها تشير إليه ويؤيد بنص السنة المطهرة في الغيبة.
2-أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الغيبة تفطر الصائم وتنقض الوضوء.رواه الربيع
والحديث نص في الموضوع وقد أفاد أن الغيبة تفطر الصائم وأما حمله على عدم بطلان الثواب فيجاب عنه:
بأنه حمل لظاهر اللفظ إلى المجاز وقد تقرر عند الأصوليين أن اللفظ يحمل على حقيقته إلا إن تعذرت الحقيقة أو دل الدليل على حمله على المعنى المجازي.
والقول بعدم ثبوت حديث في تفطير الصائم بالغيبة كلام مرجوح لما ثبت عند الإمام الربيع.
ومما ورد في هذا الباب وهو ضعيف:
حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:ما صام من ظلًّ يأكل لحوم الناس.
رواه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف ضعفه ابن سعد ويحيى بن معين وقال النَّسائي وأحمد : متروك الحديث.
ومن طريق أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ :الصيام جُنَّة ما لم يَخْرِقْهُ ، قيل : وبم يَخْرِقُهُ ؟ قال : بكذبٍ أو غِيبةٍ.رواه الطبراني في المعجم الأوسط وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف.
وقد بين الشارع أن القياس دليل من أدلة الشرع فنحمل سائر المعاصي على الغيبة لاتحاد العلة فإن كانت المعصية كبيرة فهو من باب القياس الجلي وإن كانت صغيرة فأصر عليها المرتكب فقد تقرر أنه لا صغيرة مع إصرار.
3-سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.رواه البخاري
وجه الاستدلال:دل الحديث على أن الصائم إن لم يتجنب قول الزور والعمل به فلا حاجة من تركه للطعام والشراب لكون صيامه منتقضا.
ونوقش أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بطلان الثواب.
قلت:هذا احتمال وارد ولكن مع حديث الغيبة والقاعدة المعلومة التي أسلفتها فالأظهر أن يحمل هذا الحديث وأمثاله على نقض الصيام بالمعصية.
4-سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع . ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر.رواه مسلم.
يقال فيه ما قيل في السابق.
5- أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:مَن لم يدع الخَنَا والكذب فلا حاجة لله أن يدع طعامَه وشرابَه.رواه الطبراني وقد وثق رجاله الحافظ ابن حجر.
ولتتأمل أخي هذه الأحاديث فإما أن يقال بنقض الصيام بالمعصية وهو الصواب وإما أن يقال ببطلان الثواب وأحلاهما مر.
والله أعلم.