جوابا لسؤال أحد الأخوة للتعليق على الرسالة المنسوبة إلى الشيخ عبدالرحمن:
حقيقة الأمر أن المصارف تختلف شروطها في بيع المرابحة بين مصرف وآخر وقد يكون في بعض الأحيان مخالفا للضوابط التي نعمل بها ولكن لا نستطيع أن نعمم الأمر حتى نتتبعه.
وبيع المرابحة بشقيه البسيط والمركب من مسائل الخلاف الواسعة والأظهر جوازه وهو بيع صحيح إن وافق الضوابط الشرعية وهي ضوابط متعددة:
وأما عن الصورة المحرمة التي ذكرها الكاتب فأقول:
أولا لا بد أن يتملك المصرف البضاعة قبل أن يبيعها للطرف الثاني ولا يصح أن يكون مجرد وسيط.
ثانيا يقع ضمان المبيع على المصرف إلى حين تسليمه إلى البائع ولا يصح أن يخلي المصرف نفسه من الضمان.
ولابأس بأخذ فارق البيع بين النقد والتقسيط وهذا ما أقره الجمهور.
ثالثا يجوز للمصرف أن يوكل العميل بقبض بضاعته لأن هذا لا يعدو أن تكون وكالة شرعية بالقبض.
رابعا لايجوز أن يكون الشاحن وكيلا عن الطرفين المصرف والعميل في الوقت ذاته ﻷن هذا يؤدي إلى كون المصرف غير ضامن.
خامسا لا يصح للمصرف اشتراط البراءة من العيب الذي قد يقع في المعيب.
سادسا لا يصح أن يوكل المصرف العميل ليبيع لنفسه مرابحة.
سابعا لا يصح أن يعطي المصرف العميل شيكا بالمال أو نقدا ليشتري لنفسه مرابحة.
وأما عن مسألة ضمان الربح المطلق وعدم التعرض لمخاطر الخسارة فهذه فكرة رأسمالية ثبت بطلانها فهذه المصارف الربوية الغربية تساقطت واحدا تلو الآخر وهذا أمر للأسف الشديد سخرت فيه أقوال العلماء ليطبق في المعاملات المصرفية في بعض المصارف ولا أدعي أنها في الجميع نحو اشتراط البراءة من العيب ومشروعية الغرامة على من تأخر عن الدفع والزام البيع بمجرد الوعد قبل قبض المبيع من قبل المصرف ونحوها من المسائل التي شرحتها في كتابي وفصلت الحديث فيها.
ولكن إن عملنا بالضوابط التي دل عليها الدليل الشرعي لا إشكال حينها.
وأما ما يردده البعض من أنه لا فرق بين الصيرفة الإسلاميةالربوية فأقول الفرق بين دقيق عمليا وكبير ربانيا ولأبين ذلك اعطي مثالا:
رجل قال للمصرف اقرضني مالا لأستري بيتا وآخر قال للمصرف اشتري لي أنت البيت وتملكه تملكا صحيحا ثم بعه لي.
ما الفرق: الأولى قرض جر مننفعة فهو ربا والثاني بيع صحيح إن وافق الضوابط ولا بأس بالربح في البيع.
وأما عن مسألة طلب العميل من المصرف ووعده بالشراء فهذا أمر حلال وكيف للمصرف أن يشتري سيارات مثلا دون طلب ثم يقوم ببيعها هذا ربما سيعود بالضرر على المصرف نعم يمكن أن ينظر حاجة المجتمع فيشتريها ثم يعرضها للبيع ولكن كما أسلفت لا بأس بالطلب والوعد.
تبقى مسألة الوعد هل يلزم العميل أو لا هل يجب البيع بمجرد الوعد؟
الأظهر أن لا يلزم العقد فالمصرف ليس مالكا للبصاعة بعد وليس له أن يبيع ما لا يملك ولكن العميل مطالب شرعا لزوم الوفاء بالوعد واختلف الفقهاء في لزومه حكم وقضاء والجمهور على لزوم ديانة لا قضاء والثاني هو الأظهر وأقول إن أدى نكول العميل عن وعده إلى وقوع ضرر بالمصرف وثبت ذلك فيقدر الضرر وينظر في سبب نكول العميل وترفع إلى القاضي الشرعي
والحل في مسألة الوعد أن يشتري المصرف البضاعة بالخيار لمدة لاتزيد عن ثلاثة أيام.
فإن التزم العميل باعها له وإلا ردها.
وبقي أن انبه على الأمر وهو أن بعض الباحثين يجدون مخارج فقهية للمصارف بناء على أقوال فقهية هنا وهناك من مذاهب متعددة من أجل حل المسألة فمثلا:
يأخذ برأي من أجاز البيع قبل القبض في غير الطعام ويلفقه مع قول من قال بلزوم الوعد حكما ويلفقه مع قول من أجاز أن يكون الشخص وكيلا عن البائع ومشتر في نفس الوقت وبرخصة من شرع الغرامة المالية ونخرج بمعاملة ربوية أقول لهم اتقوى الله تعالى ومسألة التلفيق بهذه الصورة لا تصح وسأضرب مثالا ليتضح كلامي في هذه الصورة واختم به جوابي:
لو أن رجلا تزوج امراءة دون ولي بناء على رأي من قال بعدم اشتراط الولي في ثحة العقد وبدون شهود بناء على رأي من قال بعدم اشتراط الشهود ودون مهر عيني بناء على من أجاز مهر المنفعة فهل يسمى هذا زواجا كلا وأنى!
وماذكرته مجملا في رسالتي تجده مفصلا في كتابي.
كتبته صبيحة يوم الأربعاء
12 من شهر صفر 1434.
محبكم أحمد بن عبيد التمتمي.