ليكم السلام هذه من المسائل الطويلة واختصرها جدا في الجواب التالي فأقول: اختلف أهل العلم في مشروعية التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الأول:من الفقهاء من قال بحرمة التكني بكنية النبي وعده بعضهم من المنكر الذي يجب تغييره واستدلوا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي.
القول الثاني:يجوز التكني بكنيته صلى الله عليه وسلم وقالوا بنسخ الرواية السابقة واستدلوا:
بما جاء عن علي قال يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك ولداً أسميه محمداً، وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم). فكانت رخصة لي. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. قلت في تصحيحه نظر وهو ضعيف ومعلوم أن الترمذي متساهل في التصحيح.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني ولدت غلاماً فسميته محمداً وكنيته أبا القاسم فذُكر لي أنك تكره ذلك، فقال: (ما الذي أحل أسمي وحرم كنيتي؟! أو ما الذي حرم كنيتي وأحل أسمي) رواه أبو داود.
قلت لا يصح هذا الحديث فهو ضعيف الإسناد.
وتأولوا حديث النبي (تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي)، أنه النهي كان في حياته – صلى الله عليه وسلم–؛ لأنه إذا نودي أبا القاسم قد يشتبه على الناس أو قد ربما التفت إذا كان يسمع عليه الصلاة والسلام يظن أنه هو المدعو والمدعو غيره.
واستدلوا على هذا بما جاء من حديث أنس قال: نادى رجل بالبَقيع: يا أبا القاسم، فالتفتَ إليه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللَّه إنى لَمْ أَعْنِكَ، إنما دعوتُ فلاناً، فقال رسول اللَّه صلى تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي.
قلت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما نص جمهور الأصوليين وهو الصحيح من قولي أهل الأصول.
القول الثالث:النهى إنما هو عن الجمع بين اسمه وكُنيته، فإذا أُفِرد أحدُهما عن الآخر، فلا بأس واستدلوا:
بما جاء عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تسمَّى باسمى فلا يَتَكَنَّ بكُنيتى، ومَن تكنَّى بكُنيتى فلا يتسَمَّ باسمى)) ورواه الترمذى وقال: حديث حسن غريب، وقد رواه الترمذى أيضاً من حديث محمد ابن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة وقال: حسن صحيح، ولفظه: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن يَجْمَعَ أحَدٌ بَيْنَ اسمِهِ وكُنيته، ويُسمِّى مُحمَداً أبا القاسم.
قلت لا يثبت شئ في هذا التفصيل وما استدلوا به ضعيف.
والصواب أنه لا يجوز التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم لما ثبت في السنة من نهيه صلى الله عليه وسلم عن التكني بكنيته والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ولا يثبت ما ورد من رخصة لعلي كرم الله وجهه أو لغيره كما لا يثبت ما ورد من تفصيل في أن النهي عن الجمع بين اسمه وكنيته ما سبق الإشارة إليه.
والمقصود هو التكني فلو كان الولد لا يتكنى به لكونه ولده الثالث أو الرابع فلا خرج فالمنع عن التكني بكنيته.
وأما ما ورد من النهي عن التسمي باسمه فهو ضعيف مخالفة لما ثبت ولا عبرة به
والله أعلم.