هل دلالة الأمر حقيقة إذا تجردت من القرائن على الوجوب أو الندب أو الإباحة أو يقال بالوقف؟
ذهب جمهور الأصوليين إلى أن الأمر يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينه والأدلة على ذلك كثيرة جدا.[1]
ونذكر بعض تلك الأدلة:-
1-قوله تعالى :{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}
الاستدلال: حذر الله الذين يخالفون أمره صلى الله عليه وسلم بالفتنة والعذاب وما ذلك إلا لأن الأمر واجب
2-قوله تعالى لإبليس حين امتنع عن السجود لأدم عليه السلام {ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك}
الاستدلال: ذم الله إبليس لامتناعه عن تنفيذ الأمر بالسجود وما ذلك إلا لأن الأمر واجب
3-قوله تعالى {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون}
:ذمهم الله تعالى على ترك ما أمروا به من الركوع وهذا دليل على الوجوب ؛لأن الذم إنما يكون على ترك الواجب لا المندوب أو المباح.
4-قوله تعالى{وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
وجه الاستدلال:أخبر الله أنه إذا قضى أمرا لم يكن لأحد أن يختار بل يجب الانصياع والطاعة لأمره وجعل عصيان أمره ضلالا فلو كان الأمر المطلق من القرائن لا يقتضي الوجوب لما جعل الله مخافته ضلالا.
5-قوله صلى الله عليه وسلم:لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة.[2]
وجه الاستدلال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم المشقة من لازم الأمر هنا؛ لأن السواك لو كان واجبا عند كل صلاة ووضوء لكان فيه مشقة بالغة, وهذا دليل على أن الأمر للوجوب؛ لقوله لأمرتهم فيفهم أن أمره هنا على الوجوب ولو كان لندب لما قال: لولا أن أشق على أمتي؛ لأن المندوب والمباح ليس ملزما للفعل فقيام الليل -مثلا- مندوب ولو كان واجبا كالصلوات الخمس لكان في ذلك مشقة فدل هذا على أن الأمر للوجوب.
6-واستدلوا:بقصة عائشة مع بريرة عندما اعتقتها فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مفارقة زوجها وعدم ذلك, فاختارت فراقه, وكان زوجها مغيث يحبها كثيرا, وكان يمشي في الأسواق باكيا, فلما رأى الرسول منه ذلك ذهب إلى برية وقال لها لو راجعته فإنه أبو أولادك فقالت: أتأمرني يا رسول الله ؟فقال:لا إنما أنا شافع فقالت:لا حاجة لي به.[3]
وجه الاستدلال:أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون ذلك منه أمرا لأنه لو كان أمرا لكان واجبا وهذا ما يفهم جليا من هذه القصة.
7-الإجماع في عهد الصحابة على دلالة الأمر على الوجوب وهذا الإجماع مأخوذ من مجموع فعلم ومما يدل على ذلك:
–استدلال أبو بكر الصديق رضي الله عنه على وجوب الزكاة على أهل الردة بقوله تعالى:{وءاتوا الزكاة} ولم ينكر أحد من الصحابة على الصديق استدلاله فكان هذا إجماعا على أن الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينه.
-استدلال عمر الفاروق على أخذ الجزية من المجوس بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم من طريق عبدالرحمن بن عوف(سنوا بهم سنة أهل الكتاب).
وهنالك أدلة كثيرة تركتها خوف الإطالة.
المذهب الثاني:الأمر المطلق من القرائن يدل على الندب حقيقة وهو قالوا وحمله على الوجوب أو الإباحة فبقرينة أخرى, وهو مذهب القاضي عبد الجبار وأبي هشام وأبي علي وهم من المعتزلة, وهو كذلك مذهب بعض الشافعية وبعض الفقهاء.[4]
واستدلوا بأدلة منها:
1-أن الأمر يشترك فيه الوجوب والندب وهو طلب الفعل وهذا القدر المشترك بينهما معلوم مقطوع به فكل من الواجب والمندوب مطالب بفعله وأما لزوم العقاب فغير مقطوع به فعلى هذا أخذنا بالمقطوع به وهو إتيان المأمور به فيجب إذن حمل الأمر على أقل القدر المشترك به من تأدية الفعل وأما لزوم العقاب –يقصدون القول بالوجوب-فمشكوك فيه لذلك يوقف عنه حتى ورود دليل خارجي.
ويجاب :بأن هذا استدلال عقلي عار عن الصحة؛ لأننا علمنا أن الأمر يستلزم العقاب بتركه بالأدلة القطعية ,ولا حظ للنظر عند ورود الأثر, والآثار من القران والسنة والإجماع دلت على أن الأمر يدل على الوجوب ويستلزم العقاب بتركه.
2-لو كان الأمر يدل على الوجوب لما حسن أن يقل الولد لوالده أعطني كذا ولا العبد لسيده.
ويجاب:بأننا لا نقول بأن الأمر لا يدل على الندب أو الإباحة بل نقول بذلك ولكن عند ورود القرينة, وكلامنا عن الأمر المطلق من القرائن, وأما ما ذكرتموه فمصروف بالقرينة عن الوجوب إلى الندب.
المذهب الثالث:القول بأن الأمر يدل على الإباحة, واستدلوا بأن مراتب الأمر ثلاثة:
1-ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
2-ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
3-عدم الثواب وعدم العقاب وهو الإباحة والإباحة يفهم منها جواز الإقدام على الأمر وهو القدر لمشترك بين هذه الأقسام وأما الوجوب والندب فمشكوك فيه ونحن نعمل على ما تيقنا منه وهو القدر المشترك بين هذه الثلاثة.
يجاب:
أولا:بما سبق بيانه من أن دلالة الأمر على الوجوب مأخوذة من الأدلة الشرعية وليس أمرا مشكوكا فيه.
ثانيا: أنكم جعلتم المباح من جنس الأمر, وليس كذلك عند أكثر أهل الأصوليين لعدة فوارق بينه وبين الواجب والمندوب ذكروا منها:
1- أن الأمر طلب فعل على وزن افعل والإباحة إذن بالفعل والفرق واضح بين طلب الفعل والإذن به.
2-أن أهل اللغة بينوا بأن الأمر ما جاء على صيغة افعل ولواحقه والنهي ما جاء على صيغة لا تفعل ولواحقها وأما الإباحة فوضعت له عبارة إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل.
المذهب الرابع:الوقف وعليه كثير من الأشاعرة والآمدي ونسب لبعض العلماء كالباقلاني والغزالي.[5]
واستدلوا:
أن صيغة افعل ترد ويراد بها الإيجاب,والندب,والإباحة, وحملها على أحد هذا الوجوه دون الأخر يحتاج إلى مرجح ولا مرجح فيلزم الوقف.
ويجاب:بأننا لا نسلم أن صيغة افعل إذا وردت مجردة من القرائن يراد بها غير الوجوب بل دلت الأدلة على حملها على الوجوب عند عدم ورود القرينة الصارفة فلا حاجة للوقوف مع وجود الدليل المرجح.
المذهب الخامس:أن صيغة الأمر وضعت لكل من الوجوب والندب أي أنها مشترك لفظي بينهما.
واستدلوا:بأن صيغة الأمر استعملت في الوجوب نحو (وأقيموا الصلاة) واستعملت في الندب نحو (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) وهي حقيقة في الأمرين.
ويجاب:بأن العرب وضعوا صيغا للأمر و قد علمنا من تتبع كلامهم أن صيغة الأمر تدل على الوجوب والآية التي تستدلون بها ونحوها هي من باب الأمر الذي صرفته القرينة إلى الندب وقد دلت الأدلة على أن الأمر يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة ولا أدل على ذلك من فهم الصحابة وإجماعهم على دلالة الأمر على الوجوب وهم أهل القرآن.
القول السادس:أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب والندب والإباحة أي أنها مشتركة بين هذه الثلاثة دون غيرها.
واستدلوا:
بأن صيغة الأمر استعملت في الإباحة كقوله تعالى(وإذا حللتم فاصطادوا) واستعملت في الندب نحو قوله تعالى(فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) واستعملت في الوجوب نحو قوله تعالى (وأقيموا الصلاة ).
ويجاب عنه:
كما سبق من أن استعمالها للإباحة والندب جاء بقرينة خارجية عن أصل صيغة الأمر, أي أن الندب أو الإباحة ليست مرادة في صيغة الأمر المطلق, ولا بد من قرينة تساق لحمل الأمر على هذين المعنيين وغيرهما.
القول السابع:أن صيغة الأمر مشترك معنوي بين الندب والوجوب أي أنها لم توضع وضعا مستقل لكل منهما, بل وضعت بالقدر المشترك بينهما, ودليلهم أن صيغة الأمر استعملت في الندب كما استعملت في الوجوب, والأصل في الاستعمال الحقيقة.
ويجاب:
بأن حمل الأمر على الندب يكون عند ورود القرينة وهذا معلوم من كلام العرب فقد يراد بالأمر الندب أو الإباحة أو السخرية أو التهكم ونحو ذلك, وكل هذه الأمور تعرف بالقرينة ما عدا الوجوب فهو الأصل وغيره مجاز.
القول الثامن:أن صيغة الأمر مشترك معنوي بين الوجوب والندب والإباحة أي أنها لم توضع وضعا مستقلا لكل واحد من هذه الثلاثة وإنما وضعت للقدر المشترك بينها وهو الإذن.
ودليلهم أن صيغة الأمر يراد منها وقوع الفعل وهو أمر مشترك بين هذه الأقسام الثلاثة ولا مرجح لحمله على واحد من هذه الثلاثة دون الآخر.
ويجاب:
أن صيغة الأمر عند إطلاقها يراد منها وقوع الفعل وجوبا ولكنها قد تدل على كل واحد من معاني الأمر بقرينة أخرى.
القول التاسع:أن صيغة الأمر وضعت على أحد الأقسام الخمسة(الوجوب والندب والكراهة والتحريم والإباحة) ولا نعلم أيها المراد.
ويجاب:
بأن الله خاطبنا بالأوامر مع تبين المراد منها وقد دلت الأدلة على أن المراد من صيغة الأمر الوجوب.
القول العاشر: أن صيغة الأمر تدل على الوجوب إن كانت موجهة من الخالق وتدل على الندب إن كانت موجهة من النبي صلى الله عليه وسلم.
ويجاب من وجهين:
الأول:هذا تخصيص بغير مخصص وهو مخالف للأدلة الكثيرة التي تدل على أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله:
1-قال تعالى(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
2– وقال(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)
3-وقال{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.
4-وقال{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.
5-وقال(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).
6-وقال(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
7-َوقال(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).
8-وقال(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
9-وقال(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
10-وقال( فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
11-وقال(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).
12- وقال(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ).
13-وقال(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
14-وقال (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).
15-وقال( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وهو الأمر الذي جاءت به السنة المطهرة على صاحبها أفضل صلاة وتسليم:
1-جاء في الحديث(من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله)[6].
2- وجاء في الحديث:كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى.قالوا يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى.[7]
3-حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمرتكم به فخذوه وما نهيتكم عنه فانتهوا.[8]
تنبيه:
طاعة الرسول واجبة وإن أتى أمره بسنة أحادية أو جاء زائدا على أحكام القرآن؛ لأن الآيات التي ذكرناها بعضها جاء بدلالة العموم ولا مخصص لها بين ما جاء مبينا للقرآن وبين ما جاء زائدا عليه أو هي مطلقة ولا مقيد لها.
-الثاني: هذا تفريق لم تأتي به اللغة العربية فمن أين لكم هذا.
وقيل غير هذه الأقوال.[9]
تطبيقات فقهية:
س:هل يجب الإشهاد عند مراجعة الزوج لزوجته؟
الجواب:الإشهاد واجب عند المراجعة لقوله تعالى(فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعرف أو سرحوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم) والأمر يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة وهو المعتمد عند أصحابنا بل قال أصحابنا إن راجعها بدون أشهاد وواقعها حرمة عليه.
وأما القائلون بأن الأمر المطلق من القرائن يدل على الندب فقالوا بأن الإشهاد مندوب.
وقال القائلون بالإباحة بأنه مباح بناء على أن الأمر العاري من القرائن يدل على الإباحة.
ومن تطبيقاته:هل الوعيد على الترك من نفس صيغة افعل؟
من قال بأن الأمر العاري من القرائن يدل على الوجوب قال بأن الوعيد مستفاد من نفس صيغة الأمر افعل.
ومن قال بخلاف ذلك قال أن الوعيد مأخوذ من قرائن أخرى اقترنت بهذا الأمر.
من تطبيقات أصحابنا:
قال أبو مسلم في النثار في الحديث عن تسوية الصفوف ج3ص309:
((ويحتمل أخذ الوجوب من صيغة الأمر في قوله:(سووا صفوفكم) ومن عموم قوله(صلوا كما رأيتموني أصلي) ومن ورود الوعيد على تركه.
ونقل قول القطب في نفس الكتاب ص310:
والصحيح لزوم الاصطفاف وسد الخلل والاتصال بالصف لأن ذلك مأمور به والأمر للوجوب.
جاء في قاموس الشريعة ج16 ص24:
والنظر يوجب أن فرض الطهارتين واجب؛ لأن عموم الأمر بفعلهما يوجب إنفاذ الأمر بهما والتخصيص لا يكون إلا بتوقيف والله أعلم.
وأما المضمضة والاستنشاق فمتفق على فعلهما, وأنهما فرض في طهارة الجنب عند أصحابنا, وفي غير الجنابة سنة ثلاثا فعلهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مواظبا عليه في الليل والنهار, فإن قال قائل فلم توجبونهما فرضين وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم على الوجوب كما أن أوامره على الوجوب إلا ما بينه صلى الله عليه وسلم مخصوص به دون أمته؟قيل له الدليل على ذلك أنه قال للسائل له عن الطهارة:توضأ كما أمرك الله فأمر بما هو واجب عليه بالكتاب دلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره به هو الواجب عليه.
ومن كتاب الإيضاح ج3ص34:
وابتداء السلام مرغب فيه ليس بفرض كما ذكرنا ورده واجب لقوله تعالى:(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).
ثم إن الجمهور اختلفوا في اقتضاء الوجوب بصيغة أفعل هل ثبت ذلك بالشرع أو باللغة؟
المذهب الأول:يرى بعض الأصوليين أن صيغة افعل تدل على الوجوب بوضع اللغة ودليله أن العبد إن خالف أمر سيده عده العرب مذموما.
المذهب الثاني:ذهب طائفة من الأصوليين إلى أن صيغة افعل اقتضت الوجوب بوضع الشرع فالنصوص الشرعية هي التي دلت على أن الأمر يدل على الوجوب ما لم تصرفه قرينة.
المذهب الثالث:أن صيغة افعل دلت على الوجوب بوضع العقل لأن العقل هو الذي ربط بين صيغة افعل وذم المخالفة.
ويتفرع على الخلاف أن الأمر يدل على الوجوب أصالة وإن لم يكن من الشارع بناء على المذهب الأول ,وأما على المذهب الثاني فلا يدل على الوجوب إلا بدليل من الشارع, وأما أصحاب المذهب الثالث فجعلوا العقل هو الدليل.
[1] إرشاد الفحول للشوكاني ص341,الوصول إلى الأصول لابن برهان ج1ص133,أصول الفقه للخضري197,التمهيد في تخريج الفروع على الأصول جما الدين الأسنوي ص333.
[2] الربيع, باب في آداب الوضوء وفرضه,86.
[3] أبو داود,باب في المملوكة تعتق وهي تحت الحر,2233.
[4] انظر:المحصول ج2ص44,إرشاد الفحول ص341 ,المعتمد لأبي الحسين البصري ج1 ص50.
[5] انظر:الإحكام الآمدي ج2ص369,شرح طلعة الشمس النسخة الحديثة ج1ص136,التقريب والإرشادج2ص27,المهذب د.عبد الكريم ج3ص1348.
[6] صحيح مسلم-وجوب طاعة الأمراء في غير معصية-4825,والبخاري-في قوله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول-6718,سنن النسائي-الترغيب في طاعة الإمام-4210,سنن ابن ماجة-إتباع سنة الرسول-3,صحيح ابن حبان-فرض متابعة الإمام-2109,وغيرهم.
[7] صحيح البخاري-الإقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم-6851,مسند أحمد-مسند أبي هريرة-8962,صحيح ابن حبان-الاعتصام بالسنة-17,مسند البزار,مسند أبي هريرة-8757,وغيرهم.
[8] سنن ابن ماجه-إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم-1,ومسند أحمد-مسند أبي هريرة-10144,كنز العمال-الاعتصام بالكتاب والسنة-885,وغيرهم.
[9] قيل:أن صيغة الأمر مشترك لفظي بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد.
وقيل أن الأمر مشترك بين الوجوب والندب والإباحة والكراهة والتحريم.
وقيل:أن صيغة الأمر مشتركة بين الوجوب والندب والتهديد والتعجيز والإباحة والتكوين.
وقيل: أن صيغة الأمر مشتركة بين الوجوب والندب والإباحة والكراهة والتحريم والتهديد والإرشاد.
انظر: فصول الأصول للسيابي ص230وص231,المعتمد لأبي الحسين ج1 ص50,البرهان للجويني ج1 ص156,التبصرة للشيرازي,كشف الأسرار للبخاري,نهاية السول للأسنوي ج2 ص251