الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فهذا مقال مختصر لبيان سنن عيد الفطر السعيد فأعدد تلك السنن على وجه الاختصار:
1-شكر المنعم فإن من تمام نعمة الصيام شكر الرحمن على توفيقه العبد وتسديده له فالله يقول (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)فلذا أول ما يستقبل به العيد شكر الله وشكر الله يكون باتباع منهجه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلا تكون فرحة العيد بمخالفة أوامر الله سبحانه فهذا كفر للنعمة.
2-التكبير والتهليل لقوله تعالى(وَلِتُكْمِلُواالْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) وعن أم عطية قالت:كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها حتى تخرج الحيض فيكن خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته.
وعن ابن عمر: ” أن رسول الله كان يخرج في العيدين .. رافعاً صوته بالتهليل والتكبير(فيه مقال وصححه قوم بشواهده) وثبت موقوفا فعن نافع : ” أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ، فيكبر بتكبيره ”
3-الأكل قبل الخروج للمصلى في عيد الفطر ويستحب التمر أو ما شاء أن يأكل لحديث أنس رضي الله عنه قال : ” كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وتراً.
4-الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب كما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم فعن نافع : ” أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى”.
5-الخروج للمصلى من طريق والعودة من طريق آخر لحديث جابر رضي الله عنه قال : ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق.
6-صلاة العيد وهي فرض عين على كل الكلف من الرجال وقيل سنة مؤكدة فيصلي ركعتين جماعة يقرأ الإمام في الأولى بسورة الأعلى وفي الثانية بالغاشية فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة والعيدين ب (سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) وورد أنه صلى الله عليه وسلم بغيرهن فعن عبيدالله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي :ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ؟ فقال : ” كان يقرأ فيهما ب ( ق والقرآن المجيد ) و ( اقتربت الساعة وانشق القمر ).
واختلف في كيفية التكبيرات في صلاة العيد اختلافا كبيرا لا يسع لهذا المختصر التفصيل فيه وإنما أشير لبعض الأقوال:
فقيل بسبع تكبيرات في الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة و أربع في الثانية بعد القراءة ثلاث. وقيل بتسع تكبيرات في الأولى خمس بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية أربع بعد القراءة.
وقيل بإحدى عشر تكبيرة في الأولى ست بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية خمس بعد القراءة.
وقيل باثنتي عشرة تكبيرة في الأولى سبع بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية خمس بعد القراءة.
وقيل بثلاثة عشر تكبيرة وهو المشهور عندنا على وجه منها في الأولى ست بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية سبع بعد القراءة وقيل في الأول سبع بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة والثانية ست بعد القراءة وهذا مخالف للمشهور وقيل خمس في الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وخمس في الثانية بعد القراءة وثلاث بعد الركوع من الركعة الثانية وقيل في الأولى ثمان بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية خمس بعد القراءة وقيل فيس الأولى ست بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة والثانية أربع بعد القراءة بعد القيام من الركوع من الركعة الثانية ثلاث وهذا مهجور.
وقيل بسبعة عشر تكبيرة في الأولى سبع بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية سبع بعد القراءة وثلاث بعد القيام من الركوع من الركعة الثانية وغير غير ذلك.
وقيل بثمانية عشر تكبيرة في الأولى تسع بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية تسع بعد القراءة.
وعلى كل حال العمل في وقتنا على طريقتين:
الأول:في الأولى ست بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية سبع بعد القراءة وهو رأي شيخنا الخليلي.
الثاني: خمس في الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وخمس في الثانية بعد القراءة وثلاث بعد الركوع من الركعة الثانية وهذا المشهور في عمان وهو رأي الإمام السالمي.
ثم يقوم الإمام فيخطب بالناس خطبة واحدة فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهدت صلاة الفطر مع نبي الله و أبي بكر و عمر وعثمان ، فكلهم يصليها قبل الخطبة.وهي صلاة بلا أذان أو إقامة فعن جابر رضي الله عنه قال : ” صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة ”
7-من نسي شيئا من تكبيرات الصلاة يسجد للسهو ولا بأس عليه.
8- إذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها في اليوم ثاني أيام العيد؛ لحديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ” أن ركباً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا ، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم.
9-تخرج المرأة للمصلى كما ثبت في السنة عن أم عطية رضي الله عنها قالت:” أُمرنا أن نَخرجَ ، فنُخرج الحُيَّض والعواتق ، وذوات الخدور ـ أي المرأة التي لم تتزوج ـ فأما الحُيَّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ، ويعتزلن مصلاهم “.ولكن بشرط الالتزام بالستر والعفة وعدم إظهار الزينة والطيب للأجانب وإلا فدفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
10-التهنئة بالعيد بعد الصلاة وقد جاء ما يدل على مشروعية التهنئة موقوفا فعن محمد بن زياد قال : كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : ( تقبل الله منا ومنك ). وجاء مرفوعا عن خالد بن معدان قال : لقيت واثلة بن الأسقع في يوم عيد فقلت : تقبل الله منا ومنك فقال : نعم تقبل الله منا ومنك قال واثلة : لقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عيد فقلت : تقبل الله منا ومنك فقال :« نعم تقبل الله منا ومنك ».
وهو ضعيف إذ الحديث يرويه بقية, وكان مدلسا يدلس عن قوم ضعفاء,وفيه محمد بن إبراهيم الشامي وهو منكر الحديث,قال الدارقطني كذاب وقال ابن عدي عامة أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان لا تحل الرواية عنه إلا عند الاعتبار كان يضع الحديث.
وقد ورد النهي عن التهنئة يوم العيد كما عند البيهقي:من طريق مكحول عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الناس في العيدين تقبل الله منا ومنكم قال ذلك فعل أهل الكتابين وكرهه.
وهو حديث ضعيف إذ فيه عبد الخالق بن زيد قال البخاري: عبد الخالق بن زيد منكر الحديث قال النسائي: عبد الخالق ليس بثقة وقال: ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به.
وحاصل الكلام أنه لم يثبت حديث مرفوع سواء في مشروعيته أو النهي عنه وما ثبت فهو موقوف على الصحابة رضي الله عنهم ولا منكر من بينهم فصار هذا حجة على المشروعية وإن لم نقل بالثبوت فالأصل أن التهنئة أمر مباح ولا دليل على منعه.
والله أعلم.
كتبه أحمد بن عبيد التمتمي
29 من شهر رمضان 1436 هجريا.