بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى:41]
﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ [الحجر:95]
(القسم الأول من الرد)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذا تعقيبي على مقالٍ نُشِرَ، نَقَدَ فيه الكاتبُ/ الأخ سعود الزدجالي كتابَ: «خلاصة المنطق» نقدًا أرى أنه لا يتفق مع المنهجَ العلمي، ولا يليق برجلٍ متخصصٍ أكاديميٍّ؛ خصوصًا وهو يكيل التهم ظلمًا وعدوانًا، ويلقي الكلام على عواهنه، بدءًا من وصْفِه التيار الديني إلى آخر ما فاض به قلمه مما لا دخل له بالموضوع، والله سائله عما يقول، والحق أقول: إن كل مسلم ديني التيار لا فرق بين مؤمن ومؤمن في هذا، ولن يجد قارئ مقالي هذا ما وجده في نقد الكاتب من ألفاظ وهجوم على شخصي؛ فأنا أتحفظ عن النزول إلى هذا المستوى الفكري في تقديم الأحكام على الناس بطريقة غير لائقة قبل تقديم التصور الصحيح، والحكم على الشيء فرع تصوره.
دعوني -متابعيَّ الفضلاء- حتى لا أمعن كثيرا في مقدمات استعراضية مخلة بالمنهج العلمي والتي يقع فيها كثير من الكُتاب، دعوني أقدم بين يدي هذا المقال النقاط الآتية؛ ليكون ذلك مدخلًا منطقيًّا للمناقشة:
الأُولى: يبجل الكاتب الدكتور الفضلي والشيخ محمد رضا المظفر، ويدعي أني انتحل منهما، ولعلم القارئ -ومن باب الأمانة العلمية- فإن الشيخ محمد رضا المظفر لم يذكر مرجعًا علميًّا واحدًا في كتابه («المنطق» طبعة دار التعارف للمطبوعات)، وقد بلغ عدد صفحات الكتاب (460 صفحة)، فأين هو مِن نقد أخينا الكاتب؟! وهل ابتدع المظفر علم المنطق من تلقاء نفسه؟ الجواب: قطعًا لا.
ومثل صنيعه ذاك فعل الدكتور عبد الهادي الفضلي، الذي لم يذكر هو الآخر سوى (16) مرجعًا فقط، وعدد صفحات كتابه يبلغ (254 صفحة)؛ دون باب الصناعات؛ إذ لم يتكلم عنه، فأين هو أيضًا من نقده؟! إن كان المذكوران قدوة عند الكاتب، ومثلا يُحتذَى به في التأليف؛ فقد بطل ما استنكره عليّ من أصله؛ إذ كيف ينكر عليَّ ما سلمه لغيري في معرض مخالفة الجري الذي التزمته؟! بمقارنة بسيطة يدرك المتابع أن مراجع كتابي بلغت (52 مرجعًا علميًّا).
وممن امتدحهم الكاتب أيضا الشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة صاحب كتاب (ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة -دار القلم-دمشق-الطبعة الرابعة) وهو يقع في(471) صفحة مع أنه لا يحتوي على مراجع علمية موثقة في حواشيه ولا في آخر الكتاب.
السؤال الذي يُطرح إِذَن: لماذا لا ينقد الكاتب هذه الكتب المذكورة وغيرها ممن سار على نفس المنهج؛ ما دام قد نَصَّب نفسه مدافعًا عن العلم، ومنافحًا عن حريمه؟!!! هل الأمر يتعلق بشخصي أو المدرسة الفكرية التي أنتسب إليها أم هو أمر آخر؟
إن شخصنة الأمور والتعصب المقيت لا يليق بالكتابة النقدية، وأظن أن الكاتب يقر بالمنهج الديكارتي الذي يطرح كل أفكارنا ومعتقداتنا السابقة قبل الخوض في البحث؛ للحكم بصورة صادقة.
والشبهة التي يطبل حولها الكاتب في اتهامي بالانتحال هي وجود تشابه بين كتابي وكتاب الفضلي في التقسيمات المنطقية المشهورة كالاستدلال والتحليل والتركيب وغير ذلك، غير أنه يغيب عن ذهنه أو يتناسى أن المسائل المشهورة المتداولة في جميع فروع المعرفة لا تحتاج إلى إحالة لكونها موجودة في جميع مصادر الفن، خاصة إن كان الكاتب -مثلي- قد بين في مقدمته أنه يلخص ما قاله المناطقة تسهيلا على الطلاب ولَمْ يَدَّعِ ابتكارًا جديدًا،وعندما نرجع إلى كتاب الفضلي نلاحظ أنه ينقل عن المظفَّر في مواضع عدة من كتابه دون أن يلتزم التوثيق، وسيأتي تعليقي بطبيعة الحال على ذلك، وانظر مثالا عليه باب «الاستدلال» (كتاب الفضلي ص 129 طبعة مؤسسة دائرة المعارف)، حيث يظهر أن الفضلي لخص ما ذكره المظفر في كتابه المنطق من(ص 200- 208 طبعة دار التعارف للمطبوعات).
وهذا الأمر عين ما انتقده الكاتب في كتابي «خلاصة المنطق»، فكيف جاز للفضلي عند الكاتب ما لم يجز لي؟ مع أنني نبهت بشكل واضح وصريح ابتداء على اعتمادي على بعض تلك المصادر وغيرها؛ أشرتُ إليها للضرورة والمنهجية أَو لم أُشر للشهرة والاستفاضة، الحق يقال -وهذا ما تعلمه يقينا ولايفوتك-: إن المسائل المشهورة لا تحتاج إلى إحالة؛ لشهرتها واستفاضتها وشيوعها كما قدمت، كرفع المبتدأ والخبر والفاعل عند النحاة، وكأقسام الاستدلال عند المناطقة، وعليه فلا معنى لنقد ما عُلِم من طرائق البحث ومناهج المؤلفين المعتادة والمألوفة بالضرورة.
بل أزيد الأخ الكاتب أن كتاب الفضلي يتفق فيما أورده في أبواب عدة مع كتاب آخر هو (ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة لمؤلفه عبدالرحمن حسن حبنكة-دار القلم-دمشق-الطبعة الرابعة) وإليك أخي الكريم الدليل من الكتابين:
أولاً: عند الحديث عن الاستدلال:
صورة توضيحية من كتاب «خلاصة المنطق» للدكتور عبد الهادي الفضلي (ص129):
صورة توضيحية من كتاب «ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة» لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني (ص145):
ثانيًا: عند الحديث عن الاستقراء:
صورة توضيحية من كتاب «خلاصة المنطق» للدكتور عبد الهادي الفضلي:
صورة توضيحية من كتاب «ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة» لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني (ص200):
وحدث هذا أيضًا ما بين كتابي «المنطق» للشيخ المظفر، وخلاصة المنطق للدكتور عبد الهادي الفضلي، وإليكم أحد الأمثلة بالصور، وللقارئ الكريم حرية الرجوع إلى المصادر للاستيثاق:
عند الحديث عن أقسام الدلالة:
صورة توضيحية من كتاب «خلاصة المنطق» للدكتور عبد الهادي الفضلي:
صورة توضيحية من كتاب «المنطق» للشيخ المظفر (ص41):
والنتيجة أن أحد الباحثين نقل من الثاني دون عزو كما مثلت؛ لذات السبب الذي قدمته،فَلِمَ لَمْ يُجْز لي ما جاز لهما؟! أليس هذا كيلا بمكيالين؟! بل يترجح أن الفضلي نقل عن حبنكة لتقدم تاريخ إصدار كتابه على الفضلي، فَلِمَ جاز للفضلي ما لَم يجز لي؟!
وهنا سؤال يطرح نفسه: وهو لِمَ يصر الكاتب على الربط بين كتابي وكتاب د.الفضلي دون غيره؟ ولعل الجواب أن الأخ الكاتب يعتمد على الشبكة كثيرا في نقل معلوماته وهو أمر اتهمني به؛ فكتاب الفضلي منشور فيها أكثر من غيره وهذا مشكل جدًّا، أو أنه اطلع على كتاب الفضلي ولم يطلع على الكتب الأخرى التي أوردها في مقاله ومدحها، وهذا مشكل أيضًا، فكيف يمدح كتابًا لم يطلع عليه ويظهر نفسه بصورة المطلع أليس هذا مخلا بالأمانة العلمية؟!
الثانية: يلاحظ القارئ الكريم تكرار اتهامي بالسرقة والانتحال كثيرًا من قبل الكاتب، وإعادة الكلام حوله قصدًا، والدندنة عليه؛ ليثبت في ذهن المتلقي، ويُسلّم له مِن قبل الواقفين على كتاباته تلك، مما يشير إلى موقف سلبي -لا أدري سببه- مِن منتسبي الثقافة الدينية عمومًا، وهو -كما يظهر- لم يتكلم عن مصطلح الانتحال بنحو دقيق جدًّا، فالانتحال لا يتشخص على صورة واحدة، أو على معنى واحد. ويبدو أن الكاتب لا يفرِّق في الواقع -أو هكذا وقع منه سهوًا نحسن به الظن – بين الاقتباس المشهور الذي لا حاجة فيه إلى الإحالات المرجعية، وبين ما يحتاج إلى توثيق كنقل الفقهاء الأدلة الشرعية من كتب بعضهم، أو النحويين للمسائل النحوية، أو المناطقة للمسلمات المنطقية، وهذه مصيبة في حق من ينصِّب نفسه للناس ناقدًا ومتحدثًا عن الأمانة العلمية.
الثالثة: محاولته التركيز على جانب محدد في الكتاب، عمَّق البحث فيه، ثم وَسَّع دائرته -أو شرخه-؛ ليجعله مدخلًا للنقد، ومربط الفرس، وموضع النقاش الرئيس، وتصوير ما أفضى إليه من نتائج موهومة في ذهن صاحبها، وهذا أمر لا ينطلي على عاقل لبيب.
الرابعة: ترى الكاتب يرجع -هو نفسه- إلى المنشورات المتاحة عبر الشبكة، ويتهم غيره بما هو واقع فيه:
أَحَرَامٌ عَلَى بَلَابِلِهِ الدَّوْحُ | *** | حَلالٌ للطيرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ؟! |
وليعلم أخونا الكاتب سعود الزدجالي أني من الشخصيات التي لا تثق إلا بالورق الملموس.
الخامسة: لاحظ -أيها القارئ الكريم- أنني لم أدَّعِ في كتابي هذا ابتكارًا جديدًا، ولا أزعم انتحال ما لم أُسبَق إليه، ولم أقل أصلًا وابتداء: إن ما حبرته هو مِن كيسي. إنما هي خلاصات ومختارات معدة بشكل علمي منهجي لطلبة العلم؛ لتسهيل وتقريب علم المنطق إليهم، فَهَوِّنْ عليكَ –أخي العزيز- وَعَلَى متابعيك!! وانتبه إلى أنني ربطتُ فعلا- إذا ما تجاوزنا كل ما تقدم- أهمَّ النقاط المنطقية بالمسائل الأصولية المشهورة التي قام عليها أصول الفقه، كالقياس والاستقراء، منتهجا في ذلك طريقة غير معقدة في الطرح، هكذا أزعم رغم مخالفتك لي.
الحاصل أن كل ما ذكره الأخ الزدجالي من كتب تربط بين الأصول والمنطق قد وقفتُ عليها بفضل الله ومنته قبل شروعي في هذا الكتاب، ولم أعتمد عليها قصدًا لكونها موضوعة أصلًا للواصلين لا للمبتدئين.
السادسة: الاستعراض العلمي والنقل الكثير في مقال الكاتب دون حاجة منهجية، والإطالة بما لا دخل له بالموضوع، وتلاحظ في هذه النقطة أنه:
١- يعمد إلى كاشفات الكتب والمصادر والمراجع المتاحة عبر الشبكة فينقلها بطولها؛ لمجرد الإطناب المخل الذي يكون في غير محله.
2- يعمد إلى التوصيف الخاص ببعض تلك الكتب المعرف بها فينتحله، ويعيد صياغته من جديد، لتوسيع دائرة الرد.
يؤسفني حقًّا أن الكاتب د. الزدجالي يقدم نفسَه بصورة الناقد المتمكن في المنطق! وكان الأجدر به أن يلتزم المنهج العلمي في النقد الذي دعا إليه، وأن ينتقد الكتاب لا الكاتب.
وسأدخل في ردي عليه بنقاط مركزة محددة، كما يلي:
1- الحكم دون دليل يكشف لنا بنحوٍ جلي شخصيةَ هذا الرجل المهزومة:
أ- يحكم أخونا د. الزدجالي على كلام د. سليم آل ثاني بأنه مجرد مجاملة، وأن عباراته التي قدَّم بها الكتاب «قص» و«لصق»، ثم يمعن في وصف الرجل بالجهل بهذا الفن، ولا أدري مِن أين له ذلك إلا اتباع الظن وما تهوى الأنفس. لا أضيف جديدًا إن قلتُ: إن الدكتور سليم -الذي تعمد الأخ الزدجالي إسقاط لقبه العلمي لإيهام المتابعين أنه شخص عادي- فقيهٌ متمكن، وعلَمٌ فذٌّ في أصول الفقه والمنطق، عَلِم ذلك مَن علِمه وجهله مَن جهله، ولقد أفدتُّ من توجيهاته القيمة، ونصائحه الجمَّة، ولن أطيل في التعريف به، فهو أعرف مِن أن يُعرف بأمثاله. والأخ الزدجالي ينزلق أكثر فأكثر حين يُصعّد الخصومة، فيحكم على قصائد الشعراء المقرظين بما لا يليق، واصفًا إياها بالركاكة، دون أن يبين وجه التهمة في تلك النصوص؛ والتي تنتسب إلى شعراء معروفين، وأدباء معدودين، لهم إسهاماتهم الواضحة في هذا المجال وغيره، والحكم دون دليل مخالف للمنهج العلمي الذي يدعي الكاتب أنه يسير عليه.
ثم يخلص في وهمه إلى جهل المقرظين للكتاب، وأنا أعلم يقينًا -كما يعلم ذلك سواي- عِلمَ المذكورين بهذا الفن، وتبريزهم فيه وفي غيره من الفنون، لَكِنْ كأنَّ صاحبنا يقول لمتابعيه: أنا العالم النحرير وحدي دون غيري، وأنا المنطيق الذي ينبغي أن يفزع الناس إليه، لا إلى سواه!
وإذا ما تجاوزنا ذلك إلى المقصود بالمقال رأيناه يحكم عليَّ بالجهل بصفاقة غريبة، مع قوله سلفًا: «إنه لا يعرفني»، ثم يعمد إلى خيانة الأمانة العلمية التي يدعي الذب عنها عندما قال: «إنه لم يجد لي في الشبكة -ويقصد هنا موقع درر إيمانية- إلا الملخصات التي وضعتها للطلاب حسب دعواه»؛ فأقول :هل عسر على الكاتب البحث عن كتبي المطبوعة؟!! لو كان جادًّا فعلًا في البحث عبر الشبكة لوجد بغيته، ولألفى بعضًا من مؤلفات محاوِرِه، فهي منشورة في الشبكة ككتاب «ربا الفضل» وكتاب «إجهاض الأجنة»، فأين أنت من الأمانة العلمية؟
ثم يقول: إنه استمع إلى محاضراتي ولم يجد فيها رائحة المنطق، فهل صدقًا استمع إلى محاضراتي العلمية في علم أصول الفقه والفقه والتفسير وما هو منشور في الشبكة قبل الحكم؟ أشك في ذلك، وإن كان يخالف ما يدعيه فهذه خيانة علمية وتدليس وتلبيس على الناس، وهذا أمر لا يليق بالباحث الأكاديمي.
ب- حكم على الكتاب في مقدمته بأنه منتحل، قبل أن يعرض الأدلة على ذلك، والحكم على الشيء إنما يكون بعد التصور منطقيا، لكنها المصادرة!!
ج- لا تخفى «تدليسات الأخ الزدجالي» على مَن طَالَع كتابي الخلاصة فمن قرأه يجد أني ذكرت 52 مرجعًا أحلت إليها القارئ الكريم بكل أمانة وثقة، ومن أراد التثبت فليعد إلى الكتاب.
2- يبدو أن الكاتب يقع -كما تبين لي- فيما كان يتهمني به، وهو آفة النقل من الشبكة، والانهماك والغرق في وحل التدفق المعلوماتي والبيانات المنسوخة والمقصوصة، وواضح كذلك من خلال تتبع مقاله تحديدًا اعتماده الكلي عليها على ما تفرزه أو تفصح عنه!! ولله در القائل: رَمَتْنِي بدائها وانسلت.
3- يقول: (فكيف يسهل الأمر بما يصعب في ذاته بالربط بين المنطق وأصول الفقه؟)، وأقول: إن جهل الكاتب بأصول الفقه يجعله لا يتصور إمكانية حصول ذلك، ومن عايش كتب الأصول صغيرها وكبيرها، بدءًا بمختصراتها وانتهاء بموسوعاتها، يعلم إمكانية ذلك، ليس كوضع مَن قرأ بضعة ملخصات وبحوث حديثة نشرت عبر الشبكة هنا وهناك، ثم يَدَّعي بعدها المعرفة بالأصول، والقدرة على الجدل والمناظرة، ومن نظر إلى الكتاب المشار إليه علم المقصود، حيث قمت فيه بما يلي:
أ- الربط بين طريقة المناطقة في الاستقراء وتطبيقات الأصوليين مع الإحالة مباشرة إلى كتبهم.
ب- الربط بين القياس المنطقي والقياس الشرعي، ومناقشة كلام ابن حزم بالرجوع إلى كتابه، لا إلى منشورات الشبكة كما يفعل الكاتب الناقد لكتابي.
وللعلم فإن ما نسخه وأشار إليه من كتب تربط بين المنطق والأصول موجود بمجموعه في مكتبتي الشخصية -ولله الحمد- لا على رفوف شاشة حاسب أخينا الزدجالي، وقد تعمَّدت عدم النقل منها لتوسعها؛ إذ ذاك يخرجني عن المقصود، ويبحر بي في بحر يضيق به الملخص، وإنما اجتهدت -كما قدمت- لتسهيل الأمر على الطلبة، ولا أدعي في ذلك الكمال، فإن أصبت فبتوفيق مِن الله، وإلا فمِن نفسي وقصوري وتقصيري.
4- يتكلم الأخ الزدجالي عن اعتماد الأصول على المنطق، ويمثل على ذلك بجهد كل من ابن حزم والغزالي ويطيل النقل، وهذا أمر لا يخفى على مَن له أدنى علم بالأصول، والذين اعتمدوا على المنطق هم متكلمو الأصوليين فحسب، كأبي الحسين البصري في (المعتمد) والرازي في (المحصول) والجويني في (البرهان) والغزالي في (المستصفى) وغيرهم من القرون الأولى إلى وقتنا هذا، أما الأحناف -أو ما يُعرف بطريقة الفقهاء- فلم يركزوا على ذلك كما وقع مع الرعيل الأول، أسوق هذه الضميمة للعلم والإحاطة والله المستعان!
لست في معرض مناقشة كلام الأخ الزدجالي كله؛ لأن ذلك يخرج بنا عن صلب الموضوع، فهو يخالف -جملة وتفصيلًا- المنهج العلمي، وقد أوقعه هذا الأمر في مغالطات كثيرة.
ملاحظة: كوني لم أتطرق إلى دراسة العلاقة الدقيقة بين علمي المنطق والأصول؛ فلأن ذلك مخالف لشرط الكتاب، والهدف الذي رمته منه ابتداءً، فكيف أدعي التسهيل والتبسيط، ثم أجنح إلى التعسير والتصعيب في الكتاب ذاته؟!
5- يستطرد الأخ الزدجالي ويطنب فيما لا دخل للبحث فيه؛ فتراه يشرق ويغرب بذكر كتب لا تخفى حتى على المبتدئين، فضلا عن المتخصصين، كتب منشورة عبر الشبكة، ومتاحة من خلال كشافات المصادر والمراجع؛ يتباهى بسلطانها وسطوة استعراضها على البسطاء ما سماه هو ذاته (العلم الزائف)!! بصراحة يسهل على كل مدعٍ أن يظهر عالما كبيرا مِن وراء الشاشات الحاسوبية، وإلا فما دخل كل تلك المسارد بموضوعنا، كان يكفي -في معرض التعليق على الاختصار- أن يقول بجملة واحدة: إن التلخيص فن دقيق يحتاج إلى جهد أعظم من الشروح، فكيف لك أن تدعي التلخيص؟!
والجواب على ذلك: متى ادعيت تلخيصا مُحْوِجًا إلى شروح؟! وقد أرحت القارئ من مثل هذه المختصرات، وقد بينت أني انتهجت الوسطية في كتابي (في المقدمة)، وهاك مثالا واحدا لسلسة من التلخيصات والشروح لكتاب مشهور؛ لتعلم لِمَ لَمْ اعتمد التلخيص الشديد، وهو كتاب (المحصول للرازي) والذي عوّل فيه على (المعتمد) لأبي الحسين، وقد لخصه تاج الدين في كتاب سماه (الحاصل من المحصول)، وسراج الدين في كتاب سماه (التحصيل)، ثم جاء البيضاوي فأخذ خلاصة الكتابين منه في كتاب سماه (منهاج الوصول إلى علم الأصول)، ولم يقل أحد ممن يعتد بقوله: إن هذا الصنيع من البيضاوي يعد انتحالا، ثم شرح كثير من العلماء كتاب (المنهاج)، الذي وصلت شروحه وحواشيه إلى ما يزيد على (30) كتابًا، من أشهرها شرح الإسنوي (نهاية السول)، وأفضلها على الإطلاق (شرح السبكي)، حسب قراءتي لهذه الكتب، ورغم هذا فلم أَنحُ نحوهم، وإنما التزمت المنهج العلمي في التأليف والتوثيق حسبما أراه.
6- يصفني الأخ الزدجالي بالقول: (لا يحترم الأسس العلمية)، ولم يدلِّل على كلامه هذا،ولم يشر أصلا إلى أسسه تلك، بل راح يردد مقولة: خطأ علمي .. أغلاط .. مغالطات، وللقارئ الكريم أن يقارن بين عدد كلماته -أو اتهاماته بالأحرى- وبين ما نقده حقًّا في الكتاب من ناحية علمية. وقد قدمت ما يدلل على مخالفة المذكور نفسه المنهج العلمي الدقيق الذي يطالبني به.
7- تخطئته قولي: (ونقله إلى العربية عثمان الدمشقي)، وكان الأولى به -تجسيدًا لحسن الظن- أن يعد ذلك خطأ طباعيًّا، وقع سهوًا، والحق -كما ذكر- أنه أبو عثمان الدمشقي،ويشهد لي بأني قصدت أبا عثمان، ذكري العصر الذي توفي فيه، وهو القرن التاسع وانظر كتابي خلاصة المنطق، على أن الخطأ الطباعي لا يشغب على الكتاب واقعًا، وقد ناب كبار العلماء ما هو أعظم منه؛ دونك مثلاً:
(1) قال الإمام الشافعي: «صَحَّفَ مَالِكٌ فِي عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَفِي جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، وَإِنَّمَا هُوَ جَبْرُ بْنُ عَتِيكٍ، وَفِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قُرَيْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَرِيبٍ» [معرفة علوم الحديث للحاكم، ص150].
(2) قَالَ الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «صَحَّفَ شُعْبَةُ فِيه -يقصد مَالِكِ بْنِ عُرْفُطَةَ- إِنَّمَا هُوَ خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ» [معرفة علوم الحديث للحاكم، ص149].
(3) قال الإمام السيوطي: «وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يُعَرَّى عَنِ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ، وَيَكُونُ تَصْحِيفَ لَفْظٍ، وَيُقَابِلُهُ تَصْحِيفُ الْمَعْنَى، وَبَصَرٍ وَمُقَابِلُهُ تَصْحِيفُ السَّمْعِ. وَيَكُونُ فِي الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، فَمِنَ التَّصْحِيفِ فِي الْإِسْنَادِ الْعَوَّامُ بْنُ مُرَاجِمٍ، بِالرَّاءِ وَالْجِيمِ، صَحَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَهُ: مُزَاحِمٍ بِالزَّايِ وَالْحَاءِ» [تدريب الراوي: 2/ 648].
(4) ومن ذلك ما ذكره الجاحظ في (البيان والتبيين 2/ 14) كما نقله عبدالسلام هارون: «قال يونس بن حبيب: ما جاءنا من أحد من روائع الكلم ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»، جاء في حاشية قديمة من إحدى نسخة تعليقًا على ذلك:
«هذا مما صحفه الجاحظ وأخطأ فيه؛ لأن يونس إنما قال: عن البتي؛ وهو عثمان البتي، فلَمَّا لَمْ يذكر عثمان البتي فصحفه الجاحظ النبي، ثم جعل مكان النبي الرسول. وكان البتي من الفصحاء»، والبتي هذا هو عثمان بن مسلم البصري البتي [تحقيق النصوص ونشرها: عبد السلام هارون، ص 68، 69 ط7؛ مكتبة الخانجي بالقاهرة].
8- يتهمني بانتحال عنوان (المنطق الإسلامي) من كتاب أو مقال آخر، وهذا كلام باطل، فأنا لم أقرأ هذا البحث الذي يشير إليه، ولا أهتم بالمقالات غير الموثقة التي تنشر عادة بالشبكة إن كانت كذلك، لكنه كلام الادعاء الفارغ.
ما الذي يمنع أن تتوارد الأفكار في العنوان الواحد؟! ألم يحصل هذا لغيري كما وقع لي هنا؟! فهناك كتاب (أحكام القرآن) للجصاص، وكتاب (أحكام القرآن) للشافعي، وكتاب (أحكام القرآن) لابن العربي، وكلها بنفس الاسم، فهل يُتَّهم أحدهم بانتحال اسم الكتاب؟! الجواب: كلا. فلماذا يجوز ذلك للآخرين ولا يجوز لي منه ما جاز لهم؟!
9- يقول: إني انتحلت عبارة: (وأشهر من أولى المنطق … إلخ)، مع أنني قد أحلت إلى المرجع، ثم يقول: (ولا تغرك الإحالة إلى محمد لطفي…)!!! لماذا أيها الناقد؟! أحيل ثم تقول: لا تغرك الإحالة؟! ثم تعود بعدها إلى اتهامي مرة تلو المرة بالسرقة، إن لم أحِلْ فأنا سارق، وإن أحلْتُ فلا ينبغي الاغترار بإحالتي!!!
10- يصف تهذيب المنطق ليتناسب مع العلوم الشرعية بأنه طفل خديج، وهذا يدل على جهله -كما أسلفت- بعلم الأصول بشقيه الفقهي والكلامي، وإلا فإن تطويع المنطق لخدمة العلوم الشرعية وتهذيبه من المغالطات أمر واقع محتوم، وهو لا يتصور أن يكون هناك منطق إسلامي مهذب؛ لأن جماعة من المثقفين المعاصرين لا يرون المعرفة والثقافة إلا في الغرب عامة واليونان خاصة، وليست هذه بدعوى جديدة منهم، فقد دَعَى إليها كثير من الكتاب المستغربين أمثال طه حسين، في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر)، حين نادى بضرورة رجوع مصر إلى الثقافة الإغريقية والفرعونية، وأن امتداد مصر الحقيقي إنما هو إلى الغرب لا إلى الشرق.
مع أن المنطق الأوروبي الحديث قد نقد المنطق الأرسطي الصوري برمته، فكيف لا يمكن لنا بعد ذلك كله وضع منطق إسلامي مستقل؟!! إنه الوهم والانبهار والتنكر والتقليد!!
11- يصف الإمام السالمي بأنه عالم مشارك ليس منطقيًّا ولا مجددًا، وهذا يدلل على عدم اطلاعه على كتابي الإمام «شرح طلعة الشمس»، و«مشارق أنوار العقول»، وأنا أجزم -من غير شك- أنه لم يقرأ (شرح الطلعة) كاملا ولا (مشارق الأنوار)، ما يشهد لنا وينادي في الأشهاد بجهله بالكتابين المذكورين، ونقضه مبدأ الأمانة العلمية، التي صَدَّع المتابعين بها!!
ويغلب على ظني أن التعصب هو ما يقود الكاتب في هذا الموضع، كما وقع منه في وصفه للإباضية الأمازيغ بالوثنيين في مقال سابق، ولقد غمزَ الإمام السالمي ولمزَه في مواضع، ثم قفز إلى الأمام مهرولا، دون أن يدلل على كلامه بشيء، ودون أن يستظهر عليه بشيء، مع أني لم أنقل عن الإمام السالمي في كتابي إلا مرتين، وذكرت غيره من المتأخرين والأصوليين، فلم التركيز عليه فقط دون غيره؟ أين الأمانة والمنهج العلميان اللذان يدعيهما؟!! تراه يبجل جماعة من العلماء إذا ذكرهم، ولكنه عندما يتكلم عن السالمي يستثقل عليه لقب الإمام، وغيره من المتأخرين بطل مجتهد همام.
والعجيب أن الكاتب يتكلم عن دور الإمام السالمي الأصولي والمنطقي ويصفه بالنقل فقط دون أن يبين أي دليل وكأنه بلغ مرتبة محققي الأصوليين!، أليس من الخيانة العلمية أن يتكلم أحد في غير فنه من غير دليل ولا برهان؟ أليس إطلاق الأحكام دون حجة مخالفا للمنهج العلمي؟ وهل درس أصلا كتاب الإمام السالمي حتى يحكم بذلك فينظر هل تفرد الإمام ببعض الآراء الأصولية؟ هل أتى بجديد في منظومته الألفية؟ هل سلك مسلكًا مجددًا في المدرسة الإباضية؟ أم هو التهميش والتعريض وإقصاء الآخرين.
12- يقول: (إن المؤلف لا يدري أن استشهاد العلامة الأخضري نفسه غير صحيح)، وقد كان دليله من كلام عالم آخر، وهذا عجيب، فهل أصبح كلام العلماء مقدسًا في نظر الكاتب لا يحتمل النقد والمخالفة؟!! وما نقله عن العلامة القويسني ليس قرآنًا يتلى.
ولا أجد حاجة للرد على ما ذكر؛ لأنه نقل رأيًا ونقلتُ آخر، ولا يعد هذا مني خطأ علميًّا ولا انتحالاً كما توهم الكاتب.
13- مِن أعجب ما قاله الأخ الزدجالي: إنني سرقت على «الطريقة السلفية» في صياغة الأشكال، وهو لا يدري أن السلفية أنفسهم إلى وقتنا هذا يتحفظون على المنطق! فمن أي كتاب كانت تلك السرقة المزعومة!! وأين الدليل على ما قال؟ كعادته يلقي الأحكام كثيرا دون دليل وبرهان.
14- يعرض لتمثيلي: (كل مَن يصلي مخلصًا لله .. إلخ) يقول: كيف عرفت أن مَن يصلي مخلصًا لله فهو ينجو؟!
أقول: علمت ذلك من خلال نصوص الكتاب والسنة، ولست ملزما باتباع المناطقة في كل شيء، ومتى كان كلام المناطقة يومًا حقًّا صراحًا في كل شيء؟! بل إن في بعض وجوهه من المغالطات ما يستوجب التصدي له والإجهاز عليه! وبالنسبة لي يكفيني أن يكون القرآن والسنة مقدمة يقينية على ما ذكرت، ولا يهمني بعد ذلك إن كان يكفيك أو لا.
15- يقول: (يخلط التمتمي بين عنوان وضعه المحقق أو المعتني بكتاب البحر المحيط للزركشي، ونص المؤلف نفسه؛ فيقول التمتمي: «قال الزركشي: العلم إمّا قديم وإما حادث … قديم، فلا يوصف بنظر ولا ضرورة … »).
وأقول لك: ارجع إلى الكتاب واقرأه بتمعن وفهم أصولي، وإن كنت أظن أنك لا تفهم ما يقول، وإليك ما جاء في نص كلام الزركشي بكتابه البحر المحيط (1/ 83): «العلم إما قديمفلا يوصف بنظر ولا ضرورة لتعالي الله عن الضرورة والاحتياج إلى النظر، وهو واحد متعلق بالمعلومات على حقائقها تعلقا سابقا له حكم الإحاطة بمعلوماته، لا يتعدد بتعددها؛ إذ ليس يتوقف على ارتسام صورها ولا يتجدد بتجددها ولا يوصف بالكسب ولا بالضرورة، بل علم حضوري وواجبي ذاتي … وإما حادث، وينقسم إلى ضروري وإلى نظري؛ لأنه إن كفى مجرد تصور طرفي القضية في الجزم به فضروري، وإلا فنظري».
ولو أنك أمعنت النظر في الكتاب وفهمت موضع الشاهد في كتابي لما ذكرت ما ذكرت،ولكنه تدليس مقصود، وتهجم مردود، وهذه خيانة للأمانة العلمية التي تدعي الالتزام بها، وأنا أدعو مَن يقرأ كلامي أن يقرأ خلاصة المنطق ليتأكد من صحة النقل في موضعه ص23.
وهاك أيضا من كتاب الغزالي ما يثبت كلامي؛ لأنك أعرضت عن نقل كلام الإمام السالمي عمدا، يقول الغزالي في (المنخول ص100): «العلم ينقسم إلى قديم وإلى حادث؛ فالقديم علم الباري سبحانه، الذي لا أول له، وهو محيط بجملة المعلومات، فلا يتعدد بتعددها، ولا يوصف بكونه كسبيا ولا ضروريا، وأما الحادث فينقسم إلى الهجمي والنظري؛ فالهجمي كل ما يضطر إلى علمه بأول العقل كالعلم بوجود الذات والآلام والملذات، والنظري ما يفضي إليه النظر الصحيح مع انتفاء الآفات على وجه التضمن لا على وجه التولد، خلافًا للمعتزلة».
وارجع أيضًا إلى (المستصفى) للغزالي و(البرهان) للآمدي و(المعتمد) لأبي الحسين البصري؛ لتتوسع في المسألة.
وكان يلزمك من باب الأمانة العلمية أن ترجع إلى مخطوط الزركشي أو أن تقارن على الأقل بطبعات عدة للتَّيَقُن من صحة ما تدعيه، وتدلل عليه، ولم تلتزم بذلك، وهذا يخرق ثوبك المزعوم بالمنهج العلمي، ويكفيني ما نصصت عليه من كتاب الزركشي آنفا مِن متنه لا عنوانه.
16- يرجع بعد ذكر الكاتب ليدندن على نفس القضية، وكأنه يريد استعمال الإيحاء العقلي لإثبات دعوى من غير دليل، فيعود إلى قضية الانتحال، وهو واقع فيما ينقل من معلومات من الشبكة، ثم يعيد صياغتها من جديد، وأقول لك بكل طمأنينة: إنني -ولله الحمد- لم ادَّعِ ما ليس لي، ولم أقل: إني ابتكرت علمًا جديدًا، بل استعرضت ما استعرضت بأسلوبي.
إن ما تذكره يا صاح مِن مقالات في الشبكة -وما أكثر عودتك لها- لم أطلع عليه في الواقع، ولكن وهمك هو مَا يقودك إلى استنتاجاتك تلك بخصوص ما قدمت، وما اعتمدت عليه ذكرته في كتابي دون خجل، ومما يدلل على حكمك الظالم أني أحيل الكلام إلى صاحبه، ومع ذلك تحاول أنت جاهدا أن تعاكس الحقيقة وأن تراغمها، ومن ذلك:
1- قولك -بعد إحالتي الكلام إلى صاحبه-: (ولا تغرك الإحالة إلى محمد لطفي)، نعم تريد مع الإحالة إثبات دعواك المفتقرة إلى دليل.
2- (معزوة إلى حاشية العطار)، ومع ذلك تحاول أن تطعن الحقيقة، زاعما أنني أنتحل كلام الفضلي؟ كيف وأنا أعطيك الموضع الذي نقلت منه؟ والمنهجية العلمية تقتضي تقديم الأقدم وفاة، فكيف والعطار توفي (1250 هجريا) والفضلي معاصر، ولكن الظاهر أنك تطلع على ما هو في الشبكة دون الغوص في أمهات الكتب الرصينة.
3- عندما نقلت كلام الزركشي ادعيتَّ بأني حورتُ الكلام على غير محمله، مع أني أحلتُ؟! لكنك في الظاهر لم تفهم كلام الأصوليين جيدا، وَأَنَّى لك ذلك!! وقد بينت ذلك فيما سبق.
4- تقول: (في فصل الدلالة عند التمتمي بدءًا … كله منحول … للفضلي على الشبكة).
أقول لك: أولاً لم أورد هذا الباب مِن كتاب الفضلي، وهو عندي مطبوع، ولا أعتمد على الشبكة مثلك، ولكن المعلومات في هذا الباب كحال أحكام المبتدأ حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، فهل عندما تقول -وأراني مضطرا لإعادة المثال-: (المبتدأ مرفوع) تحتاج علميًّا إلى إثبات ذلك؟ وقد أثبت مثل هذا الصنيع للفضلي نفسه كما تقدم، فأين أنت عنه؟
أقترح عليك أن تأخذ فصلاً جامعيًّا في قضية الانتحال؛ لتدرس الموضوع من مختلف الجوانب جيدا، بدءًا بابن سلام في (الطبقات)، هذا ما أتيح الرد به في القسم الأول، وستأتيك البقية تباعًا -إن شاء الله- ولدينا مزيد، والحمد لله رب العالمين.
وأقول لأخي الكاتب سعود الزدجالي: إني لستُ في معرض السجالات العقيمة ذات النهاية المسدودة، فإن رأيتُ نقاشًا علميًّا هادفًا أجبتُ، أما إن رأيتُ تكرار الكلام عينه بأسلوب آخر غير لائق؛ فلن ألتفتَ إليه، فالوقت أغلى من أن يضيع في الترَّهات، ولا يعني هذا أني لن أكمل القسم الثاني.
ودمتم بخير وود وسلام.
يحفظكم الله.
أحمد بن عبيد التمتمي.